responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 231
وَجُمْلَةُ: إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فِي مَوْقِعِ الْعِلَّةِ لِلْأَمْرِ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنَ الشَّيْطَانِ بِاللَّهِ عَلَى مَا
هُوَ شَأْنُ حَرْفِ (إِنَّ) إِذَا جَاءَ فِي غَيْرِ مَقَامِ دَفْعِ الشَّكِّ أَوِ الْإِنْكَارِ، فَإِن الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ وَلَا يَتَرَدَّدُ فِيهِ، وَالْمُرَادُ: التَّعْلِيلُ بِلَازِمِ هَذَا الْخَبَرِ، وَهُوَ عَوْذُهُ مِمَّا اسْتَعَاذَهُ مِنْهُ، أَيْ:
أَمَرْنَاكَ بِذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعْصِمُكَ مِنْ وَسْوَسَتِهِ لِأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.
وَ «السَّمِيعُ» : الْعَالِمُ بِالْمَسْمُوعَاتِ، وَهُوَ مُرَادٌ مِنْهُ مَعْنَاهُ الْكِنَائِيُّ، أَيْ عَلِيمٌ بِدُعَائِكَ مُسْتَجِيبٌ قَابِلٌ لِلدَّعْوَةِ، كَقَوْلِ أَبِي ذُؤَيْبٍ:
دَعَانِي إِلَيْهَا الْقَلْبُ إِنِّي لِأَمْرِهِ ... سَمِيعٌ فَمَا أَدْرِي أَرُشْدٌ طِلَابُهَا
أَيْ مُمْتَثِلٌ، فَوَصْفُ سَمِيعٌ كِنَايَةٌ عَنْ وَعْدٍ بِالْإِجَابَةِ.
وَإِتْبَاعُهُ بِوَصْفِ عَلِيمٌ زِيَادَةٌ فِي الْإِخْبَارِ بِعُمُومِ عِلْمِهِ تَعَالَى بِالْأَحْوَالِ كُلِّهَا، لِأَنَّ وَصْفَ سَمِيعٌ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُ اسْتِعَاذَةَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى عُمُومِ الْعِلْمِ، وَلِلْإِشَارَةِ إِلَى أَن الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَحَلِّ عِنَايَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ يَعْلَمُ مَا يُرِيدُ بِهِ الشَّيْطَانُ عَدُوُّهُ، وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ دِفَاعِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِهِ كَقَوْلِهِ: فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا [الطّور: 48] وَأَنَّ أَمْرَهُ بِالِاسْتِعَاذَةِ وُقُوفٌ عِنْدَ الْأَدَبِ وَالشُّكْرِ وَإِظْهَارِ الْحَاجَةِ إِلَى الله تَعَالَى.
[201]

[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 201]
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)
هَذَا تَأْكِيدٌ وَتَقْرِيرٌ لِلْأَمْرِ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَتَتَنَزَّلُ جُمْلَةُ: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِلَى آخِرِهَا مَنْزِلَةَ التَّعْلِيلِ لِلْأَمْرِ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنَ الشَّيْطَانِ إِذَا أَحَسَّ بِنَزْغِ الشَّيْطَانِ، وَلذَلِك افتتحت بإن الَّتِي هِيَ لِمُجَرَّدِ الِاهْتِمَامِ لَا لِرَدِّ تَرَدُّدٍ أَوْ إِنْكَارٍ، كَمَا افْتُتِحَتْ بِهَا سَابِقَتُهَا فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الْأَعْرَاف: 200] فَيَكُونُ الْأَمْرُ بِالِاسْتِعَاذَةِ حِينَئِذٍ قَدْ عُلِّلَ بِعِلَّتَيْنِ أُولَاهُمَا أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ بِاللَّهِ مَنْجَاةٌ لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ نَزْغِ الشَّيْطَانِ، وَالثَّانِيَةُ:
أَنَّ فِي الِاسْتِعَاذَةِ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَان تذكرا الْوَاجِب مُجَاهَدَةِ الشَّيْطَانِ وَالتَّيَقُّظِ لِكَيْدِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ التَّيَقُّظَ سُنَّةُ الْمُتَّقِينَ، فَالرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَأْمُورٌ بِمُجَاهِدَةِ الشَّيْطَانِ: لِأَنَّهُ مُتَّقٍ، وَلِأَنَّهُ يَبْتَهِجُ بِمُتَابَعَةِ سِيرَةِ سَلَفِهِ مِنَ الْمُتَّقِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ [الْأَنْعَام: 90] .

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست